ابوتريكة لا يخشى في الله لومة لائم

عزالدين الكلاوي : بتاريخ 26 - 1 - 2008
الله عليك يا أبو تريكة .. الله عليكي يا مصر.. كان في القلب طعنة .. وفي الحلق مرارة .. وفي العين دمعة متجمدة.. من عجزنا العربي وضعفنا الاسلامي ونحن أمة الاكثر من مليار مسلم ، ازاء ما يحدث لاهلنا وإخوتنا الفلسطنيين في غزة المحاصرون من عدوهم وبدعم إخوتهم الفتحاويين وانسبوا لفظة إخوتهم كما تشاءون !... كنت شخصيا أشعر بالعجز ، فماذا تفيد بضع كلمات في مقال أكثر من مجرد إشعال الحماس وحفز الهمة وعند من .. لدي شعوبنا العربية والاسلامية وهم – بحمد لله- مشاعرهم مشتعلة ومتأججة وطنية وحماسا لنصرة الحق ومساندة أهلنا ووقف المجازر والمذابح والطغيان الاسرائيلي ضد كل ماهو فلسطيني وعربي واسلامي .. ولكن أمورنا بأيدي حكامنا الذين لم يعد لديهم وطنية ورجولة عبد الناصر وورع وتقوي الملك فيصل وشهامة هواري بومدين وحكمة السادات .. اليوم كل يفكر في بلده وعرشه وحكمه واستقراره.. ولكنهم لا يعرفون أن من يأت اليوم علي بلد عربي منا ، فلابد أنه سيأتي يوما علي الاخرين!
عموما ليس هذا موضوعي اليوم ، ولكنه الفتي أبو تريكة الذي لابد أن أقول فيه كلمة حق.. فما فعله هو موقف الرجال الذين لايخشون في الله لومة لائم.. أبو تريكة الذي لاأعرفه بشكل شخصي ولا يعرفني اللهم اذا كان يقرأ بعض سطوري ، فالهجرة والارتحال في ارجاء الوطن العربي أضاع منا أجيال من النجوم - لم ينشأوا في وجودنا ، ولم يعرفوا أننا استقبلنا زملائهم الاقدم منهم ، وأحسنا توجيههم ولم نقس عليهم بحروفنا او اقلامنا .. الفتي ابو تريكة ، أعاد لي ذكري بطولة الامم الافريقية الماضية بالقاهرة حين ذهبت الي معسكر المنتخب المصري قبل يوم واحد من المباراة النهائية – وكنا وقتها في ذروة حملة الدفاع عن الرسول صلي الله عليه وسلم ضد إساءات الكاريكاتير الدانماركي البغيض - وقابلت صديقي عبد الظاهر السقا نجم المنتخب وقتها وبشرته ان مصر ستفوز بالكأس ، وطلبت منه ان يرتدي اللاعبون فانلات تحمل شعارا للدفاع عن الرسول صلي الله عليه وسلم، وكنت جاهزا لاقناعه هو وزملائه وكان هذا طلبي الاول والوحيد منه او من أي لاعب ، وكم كنت سعيدا وقتها ان السقا كان مقتنعا جدا بالفكرة هو ومجموعة من اللاعبين أذكر منهم أبو تريكة وعبد الحليم علي، وأنه شخصيا كثيرا ما أرتدي فانلات تحمل شعارات ضد الجبروت الاسرائيلي ابان الغزو الاسرائيلي للبنان وفي مناسبات فلسطينية عديدة في الدوري التركي ، وابتهجت كثيرا حينما أخبرني السقا أن الحاجة ياسمين الخيام ابنة الشيخ الحصري – يرحمه الله – كلمتهم في الموضوع نفسه وأرسلت اليهم بالفعل فانلات مكتوبا عليها ( نحن فداك يا رسول الله).. وقال لي السقا أنه قال لحكم مباراة الدور قبل النهائي ان لديه فانلة يرتدي عليها هذا الشعار واعتقد انه كان حكما مسلما ويريد إظهارها لو سجل هدفا - فحذره من أنه سيتعرض للانذار و سيعاقب بشكل آخر من الاتحاد الافريقي " الكاف ".. وقلت للسقا لا تهتم بذلك ، فقد تكلمت شخصيا مع بلاتر رئيس الفيفا في مسألة ارتداء لاعبين من البرازيل والارجنتين فانلات تحت فانلاتهم الاصلية وعليها شعارات دينية مسيحية وقال لي وقتها ان ذلك خطأ وأنهم سيعاقبون ولم أسمع نهائيا عن عقوبات طبقت علي مثل هؤلاء اللاعبين .. وشجعت السقا علي حث زملائه علي ارتداء هذه الفانلات واظهارها بعد انتهاء المباراة النهائية بفوزهم .. والحق يقال ان ابوتريكة الذي أحرز ضربة الجزاء الاخيرة التي رجحت كفة مصر كان هو أول لاعب يظهرالفانلة التي حملت شعار( نحن فداك يا رسول الله ) .. وتم تصويره بها هو وبعض زملائه خلال فترة احتفالات ما قبل مراسم التتويج غير ان بعض المرتعدين من العاملين في المراسم او الرئاسة منعوهم من الصعود بتلك الفانلات لاستلام الميداليات من الرئيس مبارك .. أبوتريكة ليس مجرد لاعب او نجم بل هو النجم كما يجب ان يكون .. اذا كان ابوتريكة قد نال انذارا لاظهاره فانلة تحمل شعار " تعاطفا مع أهل غزة " بعد تسجيل هدفه الاول والثاني لمصر في مرمي السودان ، فقد سجل هدفا اعلاميا رائعا لايقاظ العالم لهذه القضية، واذا كانت الضغوط الصهيونية ستتحرك فورا لتأليب الاتحاد الافريقي علي ابو تريكة ، فأرجو أن يكون العرب والمسلمين في الكاف قادرين علي سحق هذه المؤامرة الصهيونية الحقيرة التي دعت مذيع ارعن في قناة جنوب افريقية اسمها القناة الثالثة ليطالب الاتحاد الافريقي لانزال أقصي العقوبة بأبو تريكة علي هذه الرسالة السياسية .. للاسف هذا المذيع ،يعتبر التعاطف مع شعب غزة المحاصر هو رسالة سياسية تحريضية، رغم ان هذا المذيع اسمر اللون وقد عاش اهله لعنة التفرقة العنصرية في السابق وذاق طعم الظلم والمعاناة ولكني أدري من هم وراءه لعنهم الله في كل كتاب.
.. اعذروني كان المفروض ان يكون هذا المقال كرويا يحكي عن فوز مصر علي السودان 3- صفر وتأهلها الي دور الثمانية .. وصدقوني رأيت أنه من الاجدي ان امشي وراء قلبي.. اعذروني لتجاهل الاشادة بروح الكفاح والتألق الذي ظهر عليه المنتخب السوداني الشقيق ، وأعذروني لنسيان المعلم حسن شحاتة وجهازه وباقي نجوم المنتخب الذين حققوا فوزهم الثاني الكبير بالصبر والخبرة كما تحدثت في مقال الامس .. اعذروني وليعذرني كل محبي الكرة المصريه التي تبدو الاجمل حتي الان في غانا 2008 ، اعذروني فأبو تريكة كان بطل هذا اليوم ليس لانه سجل هدفا او هدفين في الاربعين دقيقة التي لعبها ، بل لانه سدد قذيفة في وجه اسرائيل .. ليت كل نجومنا العرب والمسلمين في كرة القدم والصحافة والثقافة والفن العلم والسياسة والاقتصاد يتخذون من أبو تريكة قدوة لهم .
عزالدين الكلاوي

مشكور على الموضوع